كشف استطلاع رأي للمستثمرين لعام ٢٠٢٣ أن ٦٨٪ من المستثمرين يرون أن تطبيق الحوكمة أمر ضروري لضمان نجاح الشركات على المدى الطويل. 

وتنعكس هذه التوجهات في الأداء الفعلي، حيث أظهرت دراسة أجريت على البنك الأهلي السعودي بعنوان أثر تطبيق حوكمة الشركات على تحسين كفاءة مؤشرات الأداء المالي، أن تبنّي ممارسات الحوكمة يسهم بشكل ملحوظ في تحسين كفاءة الأداء المالي

لماذا تعتبر الحوكمة المؤسسية مهمة؟

تعد الحوكمة ركيزة أساسية لنجاح الشركات واستدامتها، حيث تضمن العمل بكفاءة وشفافية بما يخدم مصالح المساهمين وأصحاب المصلحة الآخرين. كما تعزز ثقافة النزاهة والمساءلة، مما يسهم في بناء الثقة بين المستثمرين، الموظفين، العملاء، والمجتمع.

توفر الحوكمة إطارًا واضحًا لعملية اتخاذ القرارات، وإدارة المخاطر، وتعزيز الرقابة الفعالة، مما يضمن استقرار الأعمال وثقة المستثمرين. كما أنها تلعب دورًا محوريًا في توجيه الاستراتيجيات، حيث تمكن مجلس الإدارة من الإشراف بفعالية على أهداف الشركة، مما يسهم في تحقيق نمو مستدام.

أبرز تحديات الحوكمة وحلولها

١) تعزيز الشفافية في مجالس الإدارة

تعد مساءلة مجلس الإدارة أمرًا أساسيًا لضمان الشفافية وكسب ثقة المستثمرين. وفقًا لتقرير PwC، ٥٠٪ من المدراء يرغبون باستبدال عضو واحد على الأقل في مجلس إداراتهم وهو ما يعكس الحاجة إلى تعزيز الشفافية داخل مجالس الإدارة. كما أن العديد من مقترحات المساهمين لعام ٢٠٢٢ طالبت بمزيد من التوضيح والشفافية.

ولتحقيق ذلك، يجب التركيز على:

• تحديد المسؤوليات بوضوح: توثيق أدوار أعضاء المجلس لتحديد التوقعات وقياس الأداء.
• تقييمات دورية للأداء: استخدام مراجعات ذاتية ومراجعات الأقران والتقييمات الخارجية لضمان فاعلية المجلس.
• اتخاذ قرارات بشفافية: توثيق ومشاركة قرارات المجلس مع المستثمرين لتعزيز الثقة.
• إشراك المساهمين: التواصل المستمر لفهم مخاوفهم وتوقعاتهم.

٢) تعزيز تنوع خبرات أعضاء مجلس الإدارة

تنوع مجلس الإدارة يساعد في اتخاذ قرارات أفضل، حيث أن وجود خبرات وتجارب مختلفة تساعد في تعزيز عملية الحوكمة. وفقًا لاستطلاع PwC لعام ٢٠٢٢، يطالب ٥٧٪ من المستثمرين بمزيد من التنوع والشمولية في المجالس. ولتحقيق التنوع فإنه يمكن تبني الاستراتيجيات التالية:

٣) تعزيز الاستدامة في الشركات

تشكل مؤخراً العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة محور اهتمام المستثمرين والمستهلكين والجهات التنظيمية، مما يستلزم دمجها في التخطيط الاستراتيجي للشركات. ومن أجل تحقيق ذلك، يجب التركيز على:

• استراتيجية الاستدامة: وضع أهداف واضحة لدمج المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة ضمن استراتيجية العمل العامة.
• إشراك المستثمرين: من خلال التواصل المستمر لفهم التوقعات ومواءمة الاستراتيجيات مع اهتمامات المستثمرين.
• التحسين المستمر: عبر مراجعة دورية للاستراتيجية لضمان مواكبة الاتجاهات وأفضل الممارسات في الاستدامة.

٤) تعزيز الشفافية والإفصاح

وجود تقارير شفافة تمثل عنصرًا أساسيًا في بناء الثقة مع المستثمرين وأصحاب المصلحة. حيث يرتفع رضا المستثمرين بنسبة ٢٠٪ في الشركات التي تعتمد الإفصاح المنتظم والشفاف عن سياسات الحوكمة. وللوصول لهذا المستوى ينبغي التركيز على:

٥) استخدام التكنولوجيا لتعزيز الحوكمة الفعّالة

يساهم تبني الأدوات الرقمية في تحسين كفاءة مجلس الإدارة وتعزيز ممارسات الحوكمة. وتشمل الحلول الرئيسية:

• الإدارة الرقمية: توفير منصة موحدة لإدارة الاجتماعات وتوزيع الوثائق وتعزيز التواصل بين الأعضاء.
• تحليلات البيانات: تساعد في تقديم رؤى دقيقة حول الأداء وتحديد الاتجاهات والتخفيف من المخاطر المحتملة.
• التقارير الآلية: تقلل من الأخطاء وتضمن إعداد تقارير دقيقة وشفافة في الوقت المناسب.
• الاجتماعات الافتراضية: تتيح مشاركة أوسع لأعضاء مجلس الإدارة، مما يعزز المرونة والتنوع.

٦) تعزيز أمن البيانات في الحوكمة

مع تصاعد التهديدات السيبرانية، يجب على الشركات تطبيق تدابير أمنية صارمة لحماية المعلومات الحساسة وتعزيز الثقة. يشمل ذلك:

• سلامة البيانات: ضمان تسجيل وحماية الأصوات من العبث باستخدام أنظمة كشف التلاعب.
• السرية: تطبيق تشفير متقدم وضوابط وصول صارمة لحماية البيانات.
• المصادقة والتفويض: اعتماد المصادقة متعددة العوامل لحماية الحسابات والمعلومات الحساسة. 
• مرونة النظام: الحماية ضد الهجمات السيبرانية وضمان استمرارية البيانات واستعادتها بسرعة.
• الشفافية والامتثال: الالتزام والامتثال للوائح لضمان دقة احتساب الأصوات وحماية بيانات المساهمين.

خاتمة

في الختام تواجه الشركات العديد من التحديات في تطبيق الحوكمة المؤسسية، بدءًا من مساءلة مجلس الإدارة، وتعزيز التنوع، والاستدامة، وصولًا إلى الشفافية وأمن البيانات. ومع ذلك، فإن تبني استراتيجيات واضحة، الاستفادة من التكنولوجيا، وتعزيز التواصل مع المستثمرين يمكن أن يساعد المؤسسات على تحقيق الاستدامة والنمو على المدى الطويل.